الابتكار
يمكن أن يتخذ الابتكار أشكالاً عديدة. وتتطلب رؤية قطر لاقتصاد مستدام ومتنوع على النحو المنصوص عليه في رؤية قطر الوطنية 2030، وكما هو موضح بشكل أكبر في استراتيجيات التنمية الوطنية، التوسع في الابتكار القائم على البحث والتطوير. ويعتمد هذا النوع من الابتكار على البحث والتطوير لتوفير منتجات أو خدمات يمكن أن تكون جديدة بالنسبة لمؤسسة أو سوق ما أو بالنسبة للعالم. كما يمكن أن يشمل هذا النوع من الابتكار استحداث معرفة أو تقنيات جديدة، أو تكييف التكنولوجيا الموجودة بطرق جديدة وذلك لتحقيق أثر اقتصادي واجتماعي إيجابي في نهاية المطاف.
وتولي استراتيجية قطر للبحوث والتطوير والابتكار 2030 اهتماما كبيرًا بقطاع الأعمال، الذي يتألف من المؤسسات المحلية الكبيرة والشركات العالمية (MNCs) والشركات الناشئة والشركات الصغيرة والمتوسطة(SMEs) ، وذلك باعتباره محركًا أساسيًا للابتكار القائم على البحث والتطوير. وتلعب الجهات الحكومية أيضًا دورًا رئيسيًا يشمل تمكين نشاط قطاع الأعمال، وشراء المنتجات والخدمات المبتكرة، بالإضافة إلى اضطلاعها بإجراء أنشطة الابتكار، وترجمة المخرجات البحثية إلى سياسات مبتكرة تعود بالنفع على الدولة. وتسعى استراتيجية 2030 إلى دفع قطاع الأعمال نحو زيادة التركيز على الابتكار وخلق القيمة من خلال منتجات أو خدمات جديدة أو محسّنة بشكل كبير وقائمة على البحث والتطوير، أو في حالة القطاع الحكومي، وضع سياسات قائمة على البحث لتلبية احتياجات المستخدم النهائي.
كيف يمكن لقطاع الأعمال والقطاع الحكومي المشاركة بفعالية في الابتكار القائم على البحث والتطوير؟ من خلال خارطة الطريق التي تقدمها استراتيجية قطر للبحوث والتطوير والابتكار 2030، يمكن للشركات والمؤسسات المحلية الكبيرة والجهات الحكومية، على سبيل المثال، تأمين الطلب المحلي على المنتجات والخدمات المبتكَرة من خلال شراء الحلول أو تجريبها داخل منشآتها أو المشاركة في تطويرها بالتعاون مع الشركات المبتكِرة المحلية. وتمثل السوق المحلية نقطة انطلاق للمبتكرين المحليين والعالميين للوصول إلى الأسواق الإقليمية والعالمية. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن للأنشطة المتزايدة القائمة على البحث والتطوير التي يقوم بها قطاع الأعمال تأمين الطلب على المخرجات الصادرة عن الجهات البحثية والأوساط الأكاديمية وتمكين تسويقها بنجاح. في الوقت نفسه، يمكن لمراكز البحوث والتطوير والابتكار، التابعة للشركات العالمية في دولة قطر، أن تعمل على تطوير حلول تلبّي احتياجات الأسواق المحلية والإقليمية والعالمية، واستقطاب وتوسيع قاعدة الكفاءات والمواهب المحلية، وكذلك دعم نقل المعارف والمهارات بشكل أكبر. ويشمل قطاع الأعمال أيضًا رواد الأعمال الذين يمكنهم المشاركة في مشروعات عالية المخاطر قائمة على البحث والتطوير، والتي تساعد على تنويع الاقتصاد وخلق صادرات جديدة وإيجاد فرص وظيفية جديدة.
وهناك فرص وفيرة لكل من المؤسسات المحلية والعالمية لتوسيع الابتكار القائم على البحث والتطوير في قطر. وتدعو استراتيجية قطر للبحوث والتطوير والابتكار 2030 المجتمع المحلي والدولي للمشاركة في مسيرة الابتكار الحالية.
الابتكار المؤسسي
لقد قامت قطر ببناء مؤسسات كبيرة واستراتيجية في مختلف القطاعات الاقتصادية الرئيسية، مثل النفط والغاز، والرعاية الصحية، والتمويل، والاتصالات، والبناء، والضيافة، والخدمات اللوجستية، والإعلام. وتساهم هذه القطاعات بشكل كبير في دعم الاقتصاد القطري من خلال تقديم الحلول التي تخدم احتياجات السوق المحلية والعالمية.
ويمكن للشركات والمؤسسات المحلية الكبيرة الاستفادة من الابتكارات التكنولوجية لتعزيز الإنتاجية، وتحسين العمليات الداخلية، وزيادة القدرة التنافسية من خلال تقديم منتجات أو خدمات جديدة إلى أسواقها المحلية والدولية.
وتدعم استراتيجية قطر للبحوث والتطوير والابتكار 2030 الشركات والمؤسسات الكبيرة في قطر في مساعيها للاستفادة من الابتكارات التكنولوجية التي تعزز الكفاءة وتدعم نمو الأعمال. ويكمن السبيل إلى تحقيق ذلك في التعاون مع شركاء البحث والتطوير من خلال نماذج وأساليب مختلفة تشمل الابتكار المفتوح، ومشاريع التطوير المشترك، واختبار المنتجات في المراحل المبكرة، بهدف تطبيق ممارسات فعالة للابتكار المؤسسي.
ابتكار المنتجات من قبل الشركات الصغيرة والمتوسطة
تلعب الشركات الصغيرة والمتوسطة المحلية دورًا مهمًا في الاقتصاد القطري. ويشمل هذا القطاع شركات إعادة بيع المنتجات التكنولوجية، ومقدمي الخدمات، وشركات تكامل الأنظمة؛ وجميعهم يقدمون خدمات رئيسية للسوق القطري من خلال استيراد وتوظيف الحلول لصالح القطاع الحكومي والشركات والمستهلكين. وتمتلك الشركات الصغيرة والمتوسطة معرفة وفهمًا عميقين للسوق المحلية، وتتغلب بمهارة على التحديات المرتبطة بعمليات استيراد المنتجات والتقنيات وطرحها لتلبية احتياجات السوق المحلية.
وتدعم استراتيجية قطر للبحوث والتطوير والابتكار 2030 الشركات الصغيرة والمتوسطة في تحقيق طموحاتها في الاستثمار وبناء قدراتها الداخلية التي يمكن أن تفضي إلى تطوير المنتجات والابتكار بما يخدم عملائها في نهاية المطاف. ويمكن لتقديم منتجات وخدمات محسنة و / أو جديدة أن يساعد الشركات الصغيرة والمتوسطة على النمو واغتنام فرص تجارية جديدة، سواء محليًا أو إقليميًا أو عالميًا.
مراكز الابتكار والتطوير العالمية
يوفر سوق قطر الناشيء والمتنامي مجالاً ممتازًا لاختبار وتجريب الحلول التكنولوجية التي تطورها الشركات العالمية. ويمكن للشركات العالمية التي تجري أنشطة البحث والتطوير في قطر الاستفادة من الخدمات اللوجستية والقدرات والموقع الاستراتيجي لدولة قطر لدعم عملائها بشكل أفضل، بالإضافة الى تعزيز عملهم من خلال إقامة شراكات مع الجهات الفاعلة في مجال البحث والتطوير من خلال مؤسسات قطر المعترف بها عالميًا. كما تساعد مراكز البحث والتطوير التي تؤسسها الشركات العالمية في قطر على تسهيل عملية تطوير الكفاءات والمواهب، ونقل المعرفة، وتسريع عملية تحويل العلوم والتكنولوجيا إلى منتجات وحلول مبتكرة للقطاع الحكومي والمستهلكين والشركات الأخرى.
الابتكار الحكومي
يلعب القطاع الحكومي دورًا مهمًا في سلسلة قيمة البحوث والتطوير والابتكار، سواءً باعتباره جهة مستفيدة أو فاعلة في مجال الابتكار. ويمكن للقطاع الحكومي تقديم الدعم الضروري للشركات لإجراء الاختبارات التجريبية لإثبات المفاهيم التكنولوجية، واختبار النماذج الأولية، والتبنّي المبكّر للمنتجات والحلول الجديدة، والتي تهدف جميعها في المحصلة إلى تحسين الخدمات العامة للمواطنين والمقيمين في قطر.
الشركات الناشئة القائمة على البحث والتطوير
تقوم الشركات الناشئة القائمة على البحث والتطوير بتطوير تقنيات أو حلول ثورية جديدة ذات إمكانيات عالية للنمو، التي تشكل عنصرًا مهمًا في أي منظومة للبحوث والتطوير والابتكار. وغالبًا ما تصبح مثل هذه الشركات الناشئة محفزًا أساسيًا لتبنّي عقلية الابتكار وتشجيع القطاع الحكومي وقطاع الأعمال والمجتمع بأسره على تبني الابتكار في كل جوانب العمل ومناحي الحياة.
تركز استراتيجية قطر للبحوث والتطوير والابتكار 2030 بشكل خاص على الشركات الناشئة ورواد الأعمال باعتبارها محركًا للتحول في مجال البحوث والتطوير والابتكار في قطر على مدى العقد المقبل. وإن وجود ونمو كل من الشركات الناشئة المحلية والعالمية القائمة على البحث والتطوير سيحفز ويدعم ويعزز جهود الجهات الفاعلة الأخرى في مجال البحوث والتطوير والابتكار في قطر.
رأس المال الجريء
تعتبر شركات رأس المال الجريء الخاص مصدرًا مهمًا للتمويل، حيث تقدم الدعم للشركات الناشئة خلال مراحل نموها وتطورها المتعددة. وتتناسب الرغبة في المخاطرة لدى شركات رأس المال الجريء بشكل جيد مع التوقعات غير المؤكدة لمعظم الشركات الناشئة. وبذلك، غالبًا ما تلعب شركات رأس المال الجريء دورًا فريدًا لا يمكن لكثير من مصادر تمويل الأخرى القيام به، وتُعد أحد المكونات الأساسية في المنظومة الناجحة للشركات الناشئة. ويمكن للتمويل المستمد من شركات رأس المال الاستثماري أن يساعد الشركات الناشئة على تسريع نموها، واكتساب حصة في السوق، وترسيخ وجودها في سوق تنافسية.
الصناديق المؤسسية لرأس المال الجريء
يمكن للشركات الكبيرة في كثير من الأحيان الوصول إلى أحدث التقنيات وتطوير المنتجات من خلال الاستثمار في الشركات الناشئة المبتكرة المرتبطة بمجالات عملها. وبهذه الطريقة، يمكن للشركات تعزيز قدرتها التنافسية من خلال كونها السبّاقة إلى تحديد واستكشاف الفرص الجديدة للنمو. ومن خلال استثماراتها، تقدم الشركات أيضاً للشركات الناشئة خبراتها القيمة في الإدارة والتسويق وقنوات التوزيع ودخول السوق.
يمكن للشركات الكبيرة الراسخة في قطر الاستفادة من القدرات الابتكارية للشركات الناشئة في تبني التقنيات الجديدة، وتحسين الكفاءات، وتلبية احتياجات المستهلك المتغيّرة، وربما تحقيق طموحاتها العالمية. وتغطّي هذه الشركات والمؤسسات الكبيرة مجموعة واسعة من القطاعات الاقتصادية، بما في ذلك النفط والغاز، والمالية، والرعاية الصحية، والاتصالات، والإنشاءات، والضيافة، والخدمات اللوجستية، والإعلام؛ كما تلعب دورًا مهمًا في دعم الشركات الناشئة المحلية واجتذاب الشركات الناشئة العالمية نحو هذه القطاعات الاقتصادية الاستراتيجية.
مسرعات وحاضنات الشركات الناشئة
توفر المسرعات وحاضنات الشركات الناشئة الوقود اللازم لنجاح منظومات البحوث والتطوير والابتكار، فهي تقدم الإرشاد والتوجيه، والتنمية المنظمة للمهارات، وفي بعض الأحيان، ضخ رأس المال في مرحلة مبكرة من مسيرة الشركات. ومع نضوج الشركات الناشئة، يمكنها تسهيل فرص التوسع في أسواق أو مناطق مختلفة.